رحلة لم تنتهي
-انطباعات قارئة-
بقلم حبيبة أحمد سليمان
يقول دستوفيكسي: المرأة التي تقرأ لا تستطيع أن تحب بسهولة ، وأنا أزيد على كلامه وأقول: اسمح لي يا دستوفيسكي إن المرأة التي تقرأ لا تسطيع أن تحب بسهولة؛ لأنها في الأساس ليست كبقية النساء، فقلبها متعلق بالمكتبات أكثر من الرجال، وبالكتب أكثر من المطبخ، وبالحروف أكثر من أدوات الزينة، و بالمعلومات والندوات الأدبية أكثر من مراكز التسوق وصالونات التجميل، وذلك لأنها تجد في القراءةِ ما لا تجده في الحياة الطبيعية، ففيها الجمال والسحر والرونق والإبداع، وهي أشياء تحبها المرأة بفطرتها، ففي القراءة السفر والسعادة والحياة والمغامرة والبحار وتسلق الجبال والرحالة والفضاء والمخلوقات الخفية، باختصار فيها ما نرى وما لا نرى ما نعلم وما نود أن نعلم، فتجد فيها كل المجالات وكل الشخصيات وكل الأزمنة وكل الاختراعات ، فالقراءة تأخذنا إلى أعماق البحار وإلى أواسط الغابات وإلى بلاد ما وراء الأنهار وإلى عصور الفراعنة والمماليك وإلى ما قبل توحيد البلاد – المملكة العربية السعودية – وإلى كيف كانت الحياة؟، وكيف ستكون؟.
وفي القراءة أجد ناصحٌ لي وقت الحاجة ، و صديقٌ لي وقت العزلة ، ومؤنسٌ لي وقت الوحدة ، ومعلمٌ لي وقت رغبتي في الاستزادة ، ووطنٌ لي وقت الغربة.
ومن خلال رحلتي مع القراءة أجد أنها متلونة تظهر لي في أثوابٍ مختلفة، فأحياناً أجدها فاتنة الجمال خاصة عندما أقرأ نصاً لكاتب أحب أن أقرأ له، وأجده أصيب في الحروف والفكرة، وأحياناً أجدها فاحشة قبيحة خاصة عندما اقتني كتاباً، وأجد فيه شيئاً مخالفاً لقيمة أو عادة أو أجد عنوانه مخالف لمتنه .
يا سادة أود أن أقول: أن من تعلق قلبه بالقراءة، وأنفه برائحة الكتب، وعينيه بغلافها وأسماء مؤلفيها، من الصعب عليه أن يتعلق قلبه بشخصٍ أو أي شيءٍ آخر
وعندما يمر يوماً عليه أو حتى لحظة بدون قراءة أو يحرم منها لأي أمرٍ كان يعتبر ذلك هزيمة أمام معركة الحياة وقد سبقني إلى هذا الأديب الكبير نجيب محفوظ الذي قال : ان أكبر هزيمة في حياتي هي حرماني من متعة القراءة بعد ضعف نظري.
حسناً ماذا يبقى؟!
يبقى أن أقول: إن القراءة مهمة للجميع، فهي من ضروريات الحياة، و ليست من كماليته، فالقراءة كالماء والهواء، وهي الدواء لعلاج سئم الحياة، و لكن عليك أن تعلم أن المواظبة على القراءة تحتاج إلى الصبر والمثابرة، حتى تنل منها ما يقويك على مُر الحياة وحلوها، وضع أمام عينيك المقولة التي تقول: إذا اعطيت للعلم كلك يعطيك بعضه، وإن اعطيته بعضك فأنت لست منه على شيء.
الطائف
16/5/2020