سلامٌ على غربتنا
الكاتبة : نورة السحيمي
في منتصف العام 2020 تفشى في الناس داء الشهرة ، وأصبح حتى المفلس مِن الأخلاق يبحث عنها ،والمتدهور مِن الحظ يطاردها كالمسحور بها ،والأغنياء يصلونها بأسرع ما يمكن ، ويشترونها بأموالهم والبنات الحالمات يحفرن بكل جهد لنيلها .
وكثر ما يسمى الفشاينزات وزاد عداد متابعيهم واتسعت دائرة هذا الوباء حتى شملت الأطفال وأصبحوا بكل برودة دم يغتالون براءتهم ويحملون الطفولة ما لا تحتمل ، وزد على ذلك أنباء المسابقات الوهمية لجلب البسطاء واستغلال حاجتهم طمعاً في ارتفاع عداد المتابعين فهو الهدف الأول الذي يجب أن يصوب ، وما بين هذه العجة التي لم نرى طحينها بعد ظهور الموهوبين الحقيقيين ولكن التجاهل كان مصيرهم و نضجت حركة الكتب إلا أنها تحولت إلى دور المزهرية لتكتمل اللقطة بها إلى جانب جارها كوب القهوة وأصبح للقهوة زمانها ومكانها إذ صارت موجودة في كل صورة لمشهور ، وخفت نور العلم ، وازدهر سوق السرقات الأدبية ، وما بقي إلا خيارهم ينسخون ويلصقون دون تأويل . فالتأويل يكشف حقيقة الناقل الخاوية .وعمت ضوضاء الجاهلية وعبرت أروقة تويتر فتقاتل القوم على المذاهب تارة ، وعلى الأنساب تارة ، وكثر الغمز واللمز و الانتقام والتشهير والتصيد وماتت الموضوعية والجاني أولئك الذين يجاملون ويتحزبون ، وصار هناك غربة تسكن نفوس أهل الزمن الأبيض الذين طرقوا الأبواب بلا أجراس ، وتزاوروا بلا مواعيد ولا استئذان وتعاونوا على البر والتقوى وصبروا على الضراء وتشاركوا في السراء ، وتسامحوا في الأشهر الحرم و عفوا عن المسيء وأخذوا بيد المتعثر ، وقوموا طرائق قلوبهم قبل أفعالهم ، ومر عليهم هذا الزمن وهم كالأطلال يُبكى عليهم وهم بيننا فسلام على غربتي وغربتهم .