* عبدالمحسن محمد الحارثي*
إذا كان الإعلام هو السُلطة الرابعة ، فهو إذن غاية لا وسيلة.
هذهِ السُلطة لا تستطيع أنٌ تُمارس أعمالها بصورة فعَّالة ، دون أنْ تتمتع بتأييد حُكُومي.
هذا التأييد لا بُدَّ وأنْ يكون له سقف مفتوح ، في حُدود اللياقة واللباقة الكلامية من جهة ، والنقد الهادف من جهة أُخرى.
إذا كان الشِّاعروسيلة الإعلام الوحيدة ما قبل الإسلام ، فإنَّ الكاتب هو وسيلتهُ ما بعد الإسلام ، ويبقى الشعر والنثر فنين من فنون الأدب العربي .
كثُر في زماننا هؤلاءِ المُتشيعِرون ، وكذلك المُتكيتبون ، فالشعر إنْ لم يتَّسم بالعاطفة والخيال الواسع فهو ليس بشعر ، بل هو أقرب للتعليم منهُ إلى الشِّعر.. كذلك النثر إنْ لم يُحرِّك العاطفة ويُجيِّش المشاعر فهو ليس بنثر ، ولو اتفقنا على أنَّ ما يُدير العالم هو الرأي ؛ لعرفنا أنَّ من يديره هو الإعلام ، وهذا هو ثمرته.
الإعلامُ هو الرأي العام ، والحكومات لا تكون أفضل منه ؛ لأنه هو الذي يتحمَّلها.
وأنَّ كُل سُلطة إعلامية ، تُمثِّل رمزاً للشعب.
كما أنه يجب على الإعلام أنْ يكون صديقاً للحكومة والشعب، وسلطتها الصلبة في التصدِّي للأحداث ، وفي تحقيق مطالب الشعب بصورة فعَّالة.
الكمال لوجهِ الله تعالى ، والناقد الإعلامي رجُل لا بُدَّ أنْ يجد بعض السوء في أفضل الأشياء ، كما قال الفيلسوف كانت ، فروحُ الإعلام تكمن في وجبة المُخطئ ، وأنَّ نَفَسَ الإعلام لا يعرف اليأس.
الرأيُ مفتاحُ الإعلام ، فهو جامع لكُل شيء ، فمن عرف الإعلام عرف كُل شيء ، ومن جهلهُ جهِل كُل شيء.
إنَّ إمبراطوريَّة المُستقبل إمبراطوريَّة الإعلام!
ويجب أنْ يكون الإعلامي ذا مسؤولية وضمير ؛ لأنها إنْ غابت فإنَّ المهنيَّة أوَّل الضحايا.
نؤكِّد مُجدَّداً ، أنَّ الإعلام ليس وصف الحقيقة ، بقدر ما هو إثارة للمشاعر الجماهيرية ، وهذا ما نُسميه حماس الرأي العام ، فهو غاية كسُلطة قويَّة ، ولكنه وسيلة لاكتساب عواطف الناس.
يقول الألماني أوتوجروت عن الإعلام بأنه:( التعبير الموضوعي لقضيَّة الجماهير ، وروحها ، وميولها ، واتجاهاتها في نفس الوقت).
كما أنَّ الإعلام لم يعُد مختصَّاً بنقل الأخبار فقط ، بل نقل المواضيع الثقافيَّة ، التي تُعِّرِّف غيرنا علينا.
والشخصيَّة الإعلاميَّة من مقومات كُل إعلامي ناجح.
الإعلام - أيُّها السادة- قُوَّة ، لو فُعِّلتْ ؛ لغيَّرت مجْرى الحياة ، ومن خصائصه قُدرته على تحويل السلب إلى إيجاب.
إذا كانت الشجاعة الإعلامية جزء من الرأي ، فإنَّ السيف والقلم عماد القوةَّ ، يقول الشاعرالمتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان..... هُو أوَّل وهي المحلُّ الثاني.
فإذا هُما اجتمعا لنفسٍ حُرَّةٍ ..... بلغتْ من العلياءِ كُل مكانِ.
يقول نابليون:( الرأي العام قُوَّة صلبة تتعذَّر مُقاومتها) ، وهذا دليل على أنَّ الإعلام الذي يُمثِّل الرأي العام ، هو القوَّة الحقيقية التي تُؤثر على عقول الناس وتثير عواطفهم.
وسائلُ الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض.. لديهم القُدرة على جعل الأبرياء مُذنبين ، وجعل المذنبين أبرياء ، وهذه هي القُوَّة ؛ لأنَّها تتحكَّم في عقول الجماهير.