(أقفى بالأمس عيد وهل عيد جديد*
تسعد به الأحباب وتغرد له الطير**
بحضور كل الحبايب تكبر الفرحة وتزيد **
واجتماع الأهل خير على خير***)
على هذه الكلمات الرقراقة فتح الشيخ ( س ، م) عينيه المرهقتين من عناء الزمن ، لتلتقت مسامعه تلك الكلمات الرائعة تخرج كاللؤلؤ المنثور من فم زوجته الحانية التي بلغت من العمر أرذله ، بدأ ذهن الشيخ (س،م ) الحائر في التفكير بترتيبات هذا اليوم الذي يمتزج فيه الفرح مع العناء في إناء واحد صنع من الأمل ، الفرح بهذا اليوم الجميل يوم الزفاف ، ( ليلة العمر ) ، و العناء بإخفاء هذه الترتيبات عن أعين الدولة الساهرة ، أما الأمل في هذا اليوم فهو كبير أوله أن تهنأ ابنتي بالحياة السعيدة ، وثانيهما أن تمر ترتيبات الزفاف دون أن تشعر بها الشرطة، فقد أنتوى الشيخ ( س،م ) على خرق القانون و مخالفة الإجراءات الاحترازية الخاصة بالتعامل مع جائحة كورونا ، و مبرره في ذلك إنها فرحة العمر لابنتي ( ح س ) التي اعتقد أنه سيموت قبل أن يراها عروس في ليلة زفافها ، فقد مضى بها قطار العمر بعيد عن سن الزواج ، لكن جاء العريس المنتظر لزواجها سوف تكون أجمل عروس اليوم ولكن ……..
يا فرحة ما تمت منعت أن أدعو الأهل و الأحباب بسبب هذا الوباء كافنا الله وإياكم شروه ، نعم إنها مايسمونه بالاجراءات الاحترازية التي لا معنى لها
(أسعد الله صباحك يا أبي ) تقطع هذه العبارة بنبرة- ذات صوت حاد- أفكار الشيخ الهرم أنه ( ن س ) ابن الشيخ و أخو عروس الليلة ، يرد الشيخ الصباح بصوت امتزجت فيه الحيرة مع السعادة ، فيدرك الابن ( ن س ) ما ألم بذهن الوالد من أفكار فأراد أن يهون عليه قائلا ( قد جهزت كل التدابير ليمر العرس على ما يرام ، الدعوات تم ايصالها للأهل و الأحباب بل و الأصحاب و أصحاب الأصحاب ، مكان العرس في البحر بعيد عن العيون ، أشرفت بنفسي على شراء الطعام و المشروبات و الذبائح حتى أنني لم أنس البخور و العود أنها ليلة العمر )
بهذه الكلمات التي رسمت للشيخ حلم جميل يسلم فيه العروس لفارس أحلامها فقطع هذا الحلم قائلا ( ليلة العمر ، لكني قلق يا بني من رسالة تأتي لي على الجوال تحمل غرامة مالية كبيرة ، فأنا كما تعلم لن أستطيع سدادها .
المساء الجميل الحفل المزدحم الأنوار ، الأناشيد و الأشعار بذلك تم الحفل على أكمل وجه وسط فرح الجميع و القبولات تحمل أرقى التهاني بالحياة السيدة للعروسين ، لكنها تحمل أيضا جائحة خطيرة ….
و تمر أيام قلائل على العرس السعيد ، الشيخ كل يوم يشعر بالفخر أنه انتصر على القانون، و في اليوم الرابع تحديدا لم يستطع الشيخ أن تفتح رسائله فقد أثقلت حرارة جسمه عينيه لدرجة أنه لا يستطع فتح عينيه ولا تحريك ساكن في جسده ، حرارة مصدرها الصدر ، يتألم من مرارة الوجع يقرر الابن ( ن س ) أن يطلب الإسعاف لينقذ والده الهرم .
( أنه فايروس كوفيد 19) هكذا صرح طبيب المختبر ، بينما انشغل باقي الأطباء بتجهيز غرفة العناية المركزة و كأنهم قد عرفوا المرض قبل ظهور نتيجة المسحة المعملية .
.
أيتها الأسرة قد نسيتم شيئا مهم عند الاستعداد للفرح ، نحن في ظل جائحة – رحمكم الله – أردت أن أسرد لكم هذه القصة من واقع خبراتي الحياتية و أوجه لكم جملة واحدة ( استقيموا يرحمكم الله ) إن الهدف المنشود
من تطبيق الإجراءات الاحترازية و العقوبات المالية هو حمايتك أنت قال الله تعالى ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) سورة البقرة 195‘ الهلاك كل الهلاك اليوم متمثل في التجمعات التي لا تراعى فيها الإجراءات والضوابط الخاصة بالتباعد ، وقد أولت حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود- حفظه الله -حياة الإنسان الأهمية الكبرى من رؤية وطني 2030، فكيف يحرص ولي الأمر على حياتك و أنت تفرط فيها و قد أمرك ربك في محكم أياته بطاعته حيث قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولى الأمر منكم ) سورة النساء 59، تطبيقنا للقانون إنما هو دليل وعي ..فلايمكن لنا انكار جدية المرحلة التي يمر بها العالم اليوم . فمكافحة انتشار الوباء تنطلق من مسؤولية فردية لتكون بعدها المسؤولية الجماعية.. ومن هنا أتذكر مقولة أحد الفلاسفة (التفكير يولد من رحم المعاناة وفي زمن الاضطرابات والأزمات)
الكل اليوم يتساءل متى تخلع الكمامات ومتى نرجع لعهدنا القديم دون خوف ..لكن الأمل يحدونا في تحقيق التعايش مع هذا الوباء
أخيراً … هل سيستمر زواج العريسين أم ستختلف الأمور وتتغير الأوضاع؟