قد يكون أقرب
تعريف للحضارة هو طريقة فهم الناس للحياة. وكلمة الثقافة التي تأخذ معنى الحضارة في كثير من تعريفاتها يُقصد بها أيضاً حضارة الأمم أو جزء من حضارتها.
فالطريقة التي تفهم بها الحياة تبني حضارتك،وهذا الأمر نجده في الحضارات منذ فجر التاريخ إلى ظهور الإسلام حتى عصرنا الحالي. تقوم الحضارة على معطيات في الطبيعة يستغلهاالإنسان، فالموارد هي التي تشّيد حضارته، مثل الحضارة الزراعية “مجتمع الزراعة” و”مجتمع الرعي” أو المجتمع الصناعي، بالإضافة إلى المجتمع الرقمي الذي نعيشه اليوم، يقابلها معطيات وجدانية وعقائدية وفكرية وأدبية تتشكل منها الثوابت والمنظومة القيمية والعادات والتقاليد وتراث الأمم،وتلك هي الثقافة التي تشكل “الهوية”.
والهوية “ثابت” وماعداها “متحول”.
ولكن هل تتم مراجعة الأخطاء عادةً من خلال الأداء أو من خلال الهوية؟
في اعتقادي أن أزمة العرب الرئسية منذ عصر النهضة الى اليوم هي؛ الهروب من مراجعة أخطاء النخب السياسية والثقافية، إلى مناكفة الهوية وتحميلها كل الأخطاء!، بينما نجد امتداد دول شرق آسيا أنطلق من منافستها عبر طريق العودة إلى “الهوية” وإخضاع مستجدات الحياة لمعاييرها، وليس إخضاعها لمعايير المستجدات والضرورات، أو تغيير مفهوم النمطية السائدة التي عادةً ماتكون مغلوطة ومتشنجة!.
هكذا نجح الشرق الآسيوي في تفادي الوقوع والارتهان لليبرالية الاقتصادية الغربية التي وقعت فيها بعض الأمم، وتعد
اليابان من الأمم التي نجحت في الحفاظ على هويتها الوطنية رغم هزيمتها أمام الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية، برز ذلك التشبث بالهوية أثناء مفاوضات الإستسلام، عندما وصل الأمر إلى المساومة في اللغة، حينها قام مفاوضو الجانب الياباني وتركوا القاعة إحتجاجاً على الشروط الأمريكية التي أستهدفت المساس باللغة مرتكز الهوية وركنها الصلب. واليوم تفعلها الدول الأفريقيةالتي وضعت القدم على طريق التنمية وتحقيق الذات والاستقلالية، والإنطلاق في رحلة الخروج من ربُقة الفرانكفونية الإستعمارية وغيرها من القوى الإمبريالية ذات الإرث الإستعماري البغيض.
“باختصار إنها الهوية”
بقلم: نواف بن جارالله