إعلان اعتزال الشاعر محمد بن حوقان!
لا أقول إنه خبرٌ صادم ومحزن لأن معدّ الخبر هو صاحب القرار وهو – ولله الحمد – في أتمّ صحته وعافيته، ويتخذ هذا القرار وهو عالي المكان والمكانة والقدر والمنزلة عند قبيلته بني مالك وعند بقية الناس. شعور الإعتزال الذي يتركه شاعر بحجم محمد بن حوقان هو شعور أقرب إلى الإحساس بالفراغ وهذا الشعور من أصعب الحالات النفسية التي يمرُ بها الجمهور لأنه يشعر بأحاسيس تتداخل فيها الغربة والاشتياق والفقد، وكما أن صعود شاعرنا محمد بن حوقان إلى القمة لم يكن سهلاً فإن بقاءه في القمة دون أن يصدح بما أعتاده الناس منه لن يكن سهلاً على جمهوره ومحبيه في قادم الأيام.
تجربة بن حوقان تجربة متشاسعة عميقة متنوعة، فقد تشاسعت جماهيرياً، وتعمقت فناً وإبداعاً وتنوعت بين فنون الشعر أغراضاً. على إمتداد 40 سنة مضت وهو يصعد منصة العرضة ويجلس على طاولة النظم ويتصدر صفوف المحاورة ويشارك في الصحافة بحميع منصاتها ،مما جعل الجمهور يعيش هذا التنوع الفني الجميل،وأصبح كل متذوق يجد حاجته الأدبية وفنه المفضل في إنتاج هذا العملاق،وهذه الأطياف المتعددة لم يجمعها بهذا التمكن والإبداع إلا القليل وأولهم محمد بن حوقان.
واليوم يترجل الفارس عن منصة الحفلات ولكن لابد أن يتذكر بإن :
ترجُّل الفارس المقدام يبدأهُ
مسيرةً من صبِاها ترضع الحقبُ
“مع جزيل الإعتذار لعمنا البردوني”
وأول الأعمال التي يجب على شاعرنا التفكير بها والعمل عليها ( كتابة تجربته) من أول بواكير البدايات إلى تحديات الصعود إلى صعوبات منعطفات الوصول إلى ناصية المربد، لتحمل التجربة المكتوبة بين طياتها المواقف التي حدثت خلف الكواليس وأنعكست تحت الأضواء أعمالاً فنية ومحاورات شعرية رائعة.
نريدها ” ذكريات” لا مذكرات،ينطلق فيها قلمه كاتباً بنفس درجة عذوبة لسانه متحدثاً،ينتقل فيها من الوقائع إلى الحكمة إلى نصيحة صاحب التجربة الفنية العميقة والتجربة الحياتية الأعمق ، وبما أحتوته أيامه من قصص و طرائف ونوادر وهي فنون يجيدها أبو خالد بكل جدارة واقتدار.
في الختام: ليعلم الجميع أن المبدع لايعتزل الإبداع لأن الشعر طاقة مولودة مع الإنسان تكتسب وهجها من حركة الحياة وتنطفئ بموت الشاعر عطاءً ثم تعود لتنعكس ضياءً متوهجاً في مدارات الخلود.
نتمنى لأخينا وشاعرنا وحبيبنا وأستاذنا محمد بن حوقان عمراً مديداً وحياةً سعيدة هانئة ونجاحاتٍ مستمرة.