في سورة النمل توصيف جميل لقصة سيدنا سليمان عليه السلام مع بلقيس، ملكة سبأ، فهو الملك والنبي الذي أعطاه الله من النعم و المميزات مالم يعطها لغيره وكان ملكا ببيت المقدس وكانت بلقيس ملكة عظيمة أيضا لمملكة سبأ العظيمة في اليمن، و أرسل لها كتابا يدعوها لعبادة الله و هي رفضت فكان أن أرسلت له هدية و مالا و لآلئ و جواهر و غلمان و جواري ، فردها إليها و قرر أن يرسل إليها جيشا لتخضع له وطلب ممن حوله أن يأتوه بعرشها و هو سرير ملكها الملئ بالنفائس و الذي كان قطعة رائعة الإبداع، و ذلك ليثبت قوة الله لذلك أراده سريعا قبل أن تأتي هي بنفسها مسلمة(بتشديد اللام و كسرها) صاغرة.
يقول تعالى (قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) (39).
قيل :العفريت من الجن ويسمى أيضا : ( عفرية) ، ويقال للجن الشديد إذا كان معه خبث ودهاء عفر وعفرية وعفريت وعفارية . وقيل : عفريت أي رئيس ، والعفريت من الشياطين القوي المارد والتاء زائدة، وذكر بأن اسم هذا العفريت كودن وقيل ذكوان وقيل اسمه دعوان .
وروي عن ابن عباس أنه قال : أنه صخر الجني، وقيل أنه حين أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار ، كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه ; فقال جبريل : أفلا أعلمك كلمات تقولهن إذا قلتهن طفئت شعلته ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلى . فقال :” أعوذ بالله الكريم وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وشر ما يعرج فيها وشر ما ذرأ في الأرض ، وشر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن“ .
إذن الخلاصة أن هذا العفريت قد تطوع ليأتي به إلى سليمان – والجن لديهم قدرات خارقة- قبل أن يقوم من مقامه يعني في مجلسه الذي يحكم فيه، وإني عليه لقوي أمين أي قوي على حمله، أمين على ما فيه من نفائس، فقال سليمان أريده أسرع من ذلك ; فقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك، أكثر المفسرين أجمعوا على أن الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا وهو من بني إسرائيل ، وكان صديقا يحفظ اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب . وقالت عائشة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن اسم الله الأعظم الذي دعا به آصف بن برخيا يا حي يا قيوم قيل : وهو بلسانهم ، أهيا شراهيا ; وقيل الدعاء الذي فيه اسم الله الأعظم : “يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا لا إله إلا أنت” ائتني بعرشها ; فمثل بين يديه . وقال مجاهد : دعا فقال : يا إلهنا وإله كل شيء يا ذا الجلال والإكرام .
إذن تعددت الأقوال فيمن عنده علم من الكتاب فقيل :
١-آصف بن برخيا.
٢- قيل هو سليمان نفسه ; وكأن سليمان استبطأ عرض العفريت فقال له على جهة تحقيره : أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك واستدل قائلو هذه المقالة بقول سليمان : هذا من فضل ربي .
٣- قيل بأنه ملك بيده كتاب المقادير ، أرسله الله عند قول العفريت.
٤-قيل هو الخضر عليه السلام الذي ظهر لموسى .
٥- وقال ابن زيد : ( الذي عنده علم من الكتاب ) رجل صالح كان في جزيرة من جزائر البحر ، خرج ذلك اليوم ينظر من ساكن الأرض ; وهل يعبد الله أم لا ؟ فوجد سليمان ، فدعا باسم من أسماء الله تعالى فجيء بالعرش .
٦- قيل أنه رجل من بني إسرائيل اسمه يمليخا كان يعلم اسم الله الأعظم.
٧-وقيل إنما كان رجل من بني إسرائيل عالما آتاه الله علما وفقها قال : أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك قال : هات . قال : أنت نبي الله ابن نبي الله فإن دعوت الله جاءك به ، فدعا سليمان الله فجاءه الله بالعرش .
٨- وقول ثامن : إنه جبريل عليه السلام.
أقوال عدة ، و الشاهد بأن الله قادر على كل شيء و أنه يؤتي ملكه من يشاء بفضله.
كما تعلمنا هذه القصة أهمية ذكر الله و خاصة أذكار الصباح و المساء لطرد الشياطين وإقصاء شرار الجن وأثرهم.
و للقصة تتمة فلا تفوتنكم ..
د. فاطمة عاشور 💜
التعليقات 1
1 pings
حنان
26/08/2021 في [3] رابط التعليق
مقال رائع رب زدك علما
(0)
(0)