عرّفِ قرّاء وهج نيوز بنفسك.
عابدة المؤيد العظم ولدت ونشأت في دمشق 1962، ثم انتقلت لجدة ودرست بجامعة الملك عبد العزيز.
ماجستير فكر إسلامي، ومعي شهادة لمجموعة من الدورات مثل تدريب مدربين والإسعافات الأولية والبرمجة اللغوية العصبية، أستاذة مادة “التربية الإسلامية” وبعض مواد الشريعة
لي برامج تلفزيونية وإذاعية، ومداخلات على الفضائيات المختلفة
أقيم دورات تربوية، ولي 16 كتاباً، ومئات المقالات وعشرات المحاضرات…
مهتمة بقضايا المرأة وفقهها، وبصلاح الأسرة وسلامة الطفولة.
بصفتك مهتمة بقضايا المرأة كيف ترين التعامل مع قضايا المرأة في بلدك سوريا وهل فعلاً أعطت المرأة حقها؟
التعامل مع المرأة لم يتغير، وما زال على حالته القديمة غير المرضية، وما زال أكثر الناس يقيمون المرأة بأنها الأقل عقلاً وفكراً وإنتاجاً، وأنها بحاجة دائمة ومستمرة للمراقبة والوصاية، ولو تُركت فإنها ستفسد وتفسد… نظرة غريبة لا تليق بمقام المرأة كأم وحماة وجدة، وزوجة وبنت، خاصة في هذا الزمان الذي تعلمت فيه المرأة وتوظفت، وشاركت أهلها وزوجها بمالها وجهدها وحكمتها.
وإن المرأة السورية معروفة ومن القديم بأننها تتحمل بطيب نفس، وتتعاون مع كل ما يمر بالأسرة من ضائقة اقتصادية، ومن مشكلات اجتماعية، ورغم كل ما قدمته المرأة السورية من صبر وتضحيات لم تأخذ حقها، وما زالت مُهمشة، مع أنها تفانت في المحنة الأخيرة التي عصفت بالبلد، وحملت أعباء البيت في غياب الزوج والمعيل وحدها، وعملت وأنفقت وربت، وحمت نفسها من الطامعين، وحافظت على مبادئها ودينها، ورغم ذلك لم ترتفع قيمتها في أعين العامة، وبقيت عندهم وللأسف: المرأة العاجزة والضعيفة المسكينة.
من وجهة نظرك كمربية ما هي الأسباب التي جعلت هذا الجيل جيلاً عنيداً متمرداً على كلِّ شيءٍ حوله، وكيف نعالج هذه الأسباب؟
أهم الأسباب التي ساهمت في تمرد هذا الجيل وعناده أمران:
1- زياة عاطفة الأمهات والآباء، فبعد القسوة التي نشأت فيها الأجيال القديمة، وبعد الدراسات الحديثة التي دانت ذلك، ونصحت باللين والرحمة… بالغت الأمهات والآباء بإغداق العواطف، وبحماية صغارهم من أي معاناة، ولو كانت بسيطة ومحتملة.
2- خوفهم على أولادهم من الحرمان، جعلهم يغدقون عليهم من الطعام والشراب والنزهات، وأهمه تلك الأجهزة، حيث صار لكل صغير هاتف خاص، ونت متوفر في كل مكان، فأصبح من الطبيعي والمتوقع أن يجلس عليه الصغار طول النهار… وهكذا وضع الأهل الشرور بين أيدي أولادهم، ثم انتبهوا فجأة، وصاروا يستغيثون “لقد تمرد أولادنا وخرجوا عن السيطرة”!؟
والحل:
1- من الضروري وضع بعض القوانين للصغار، وأقول بعض أي قوانين قليلة ومدروسة: مما يأمر به الدين، أو مما يوجبه الخلق والتهذيب، وتقتضيه النظافة. والأهم هو الحزم والإصرار على التزام الصغار بهذه القوانين.
2- دعم الصغار نفسياً، والخوف عليهم من الحرمان المعنوي، أكثر من الحرمان المادي، فهكذا ينشؤون أسوياء، ورحماء.
3- تعريف الصغار بالمخاطر الموجودة بهذه الحياة، بحيث يفهمون ويوقنون ويتأكدون أن أهلهم يمنعونهم عن أمور حرصاً عليهم، وليس إضراراً بهم، مما يجعلهم يعون وينضجون، فيصبحوا عوناً لأهلهم في محاربة المفاسد، بدل الضغط على أهلهم ليقعوا بالمحرمات والممنوعات.
لكِ تجارب في تقديم البرامج التلفزيونية، ماذا أضافت عليكِ هذه التجارب وهل تفكرين في إعادتها؟ وأيهما كان أكثر جدية وتأثيراً تلك البرامج أم محتوى الإعلام الجديد؟
مهما تطورت وسائل التواصل ونشأت برامج جديدة للتأثير ونقل الأفكار، يبقى التلفزيون هو البوابة الرئيسية والقوية إلى العالم الكبير، ولذلك أنا سعيدة جداً بأن وفر الله لي هذه التجربة الثرية، التي فتحت لي أبواباً جميلة، وكان على رأسها الدخول إلى عالم الإعلام، والتعرف على الشخصيات الجميلة الكبيرة التي كنا نراها من وراء الشاشات.
وبالطبع أفكر بإعادتها، وأتمنى ذلك.
وأما التأثير: فلكل وسيلة من وسائل التواصل أثرها الفعَّال على المشاهدين والمستمعين، وكل شريحة يؤثر فيها أسلوب وطريقة مختلفة عن الأخرى، وأنا وضعت الأمهات والآباء في دائرة اهتمامي، وأتمنى أن أساعدهم في إنشاء أسر متوازنة ومستقرة وسعيدة.
لديكِ قناة على اليوتيوب تهتم بنشر موضوعات التوعية والتربية ما هي الصعوبات التي تواجهك في توصيل المعلومة المفيدة للجمهور المستهدف؟وكيف تتغلبين عليها؟
الحمد لله أنه لا تواجهني أي صعوبات في توصيل المعلومة، ولعلي أحياناً أجد صعوبة في اختيار العنوان المناسب للفيديو، بحيث يكون مختصراً، ومعبراً عن المضمون.
ولكن الصعوبات تكمن في المنافسة الكبيرة على وسائل التواصل، وفي اختلاف النظريات التربوية، التي تجعل بعض المربين يتحيرون، ويتساءلون ويستفسرون عن بعض الأفكار، والطروحات… وهنا قد أجد صعوبة في شرح الملابسات، وفي مساعدتهم على اختيار الطريقة المناسبة لصغارهم. ولكن مع مرور الأيام وازدياد الخبرة، يمكن تجاوز هذه العقبات.
كتاب هكذا رباني جدي يعتبر منهجاً كاملاً للتربية وبصفتك حفيدة الشيخ علي الطنطاوي أياً من انطباعاتهِ وهواياتهِ التي نُقلت إليك عن طريق الجينات الوراثية وهل تؤمنين بالمثل الشعبي الشهير:”العِرق يمد لسابع جد”؟
1- لا شك أن هناك أموراً تنتقل بالوراثة، ولا بد أن أشبه جدي بعدة صفات، كان منها:
– الجرأة في قول الحق، وعدم الخوف من الناس.
– الشجاعة وعدم الخوف من الظلام أو الحشرات….
– التلقائية والطبيعية بالسرد والإلقاء.
– الرحمة والشفقة والتعاطف مع المظلوم، ولذلك سرت مسيرته وأصبحت نصيرة المرأة كما كان هو.
– الوفاء والحنين للماضي ولدمشق بالذات، ولرفيقات الطفولة، ولأي شخصية تعرفت عليها. وأحن لكل بلد عشت فيها كالسعودية. حتى أني مثله أتعلق بأغراضي ومتاعي الشخصي.
– الزهد والقناعة، فلا تغرني الحياة الدنيا، ولا أميل للسرف والبذخ مهما اغتنيت.
2- وهناك أيضاً عادات تنتقل بالتربية والقدوة والمعايشة، ولا بد أني تقمصت بعض حركاته، وجزءاً من أفكاره:
– فهناك من يُشبهني به، بكلامه وأدائه.
– وتعلمت منه حب الكتب والقراءة، ولا أحسبها كانت مركوزة بي.
– وأعجبني فيه حرصه على تقديم أمور جديدة، والتفكير بطريقة مختلفة عن الآخرين، فصرت أحرص على ذلك.
– مواكبة العصر، وربط الدين بالحياة، ووضع الحلول الواقعية والمنطقية والتي في متناول الناس وبقدراتهم، وتبسيط الأمور وتقريبها للعامة.
– اختيار الفتاوى الميسرة، ومراعاة حال السائل، وعدم إخفاء الحقائق عن الناس بحجة سد الذريعة.
الأسرة لَبِنَة المجتمع، ومن إحدى المشاكل التي تمر بها المجتمعات العربية كثرة الطلاق،فكيف نتغلب على هذه المشكلة التي بالتأكيد تضر أضرار بالغة على المجتمع بأسره؟
للتغلب على هذه المشكلة، نحتاج:
– لنضج الطرفين، وهذا أهم بند.
– التغلب على الأنانية.
– التأكد من استيعاب كلا الزوجين لمعنى وطبيعة وواقع الحياة الزوجية.
– معرفة طبيعة الأنثى وطبيعة الذكر.
– فهم كل منهما للآخر، لصفاته لشخصيته، للنشأة الأولى والبيئة الحاضنة…
كل ذلك سوف يساهم في تقريب وجهات النظر.
من وجهة نظرك هل من الممكن أن يؤثر الوضع السياسي والاجتماعي للبلد على تنشئة الأولاد وكيف يحصل هذا التأثير، وإذا جئنا إلى سوريّا على سبيل المثال والاضطراب فيها كيف لنا أن نجاوز أبنائنا وخصوصاً أن معظمهم قد لا يكون عل دراية كافية بسوريّا وقد يعانون من اضطراب الهوية هذه المرحلة من التشرد والتشتت الذهني؟
للبيئة دور كبير في تشكيل عقول أولادنا، بل كل شيء حولهم يساهم في تشكيل شخصياتهم، رفاقهم ووسائل التواصل، بل حتى الأخبار وما يحدث في العالم الكبير من تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية… ولكل طرف جزء من التأثير، قد يكون كبيراً أو صغيراً، عميقاً أو سطحياً… والأم الواعية والأب الفاهم، يجعلان لنفسيهما التأثير الأكبر على أولادهما ، وبالتالي تنجح التربية، ويتم التغلب على المؤثرات، أو احتوائها بسلاسة أكبر.
واما الهوية فهي مركوزة فينا، ومهما حالونا التهرب منها فسوف تلاحقنا، وكثير ممن هاجروا أدركوا هذه الحقيقة: فالاسم والشكل ولون البشرة… كلها هوية واضحة ولا يمكننا التخلص منها، ولذلك من الأفضل المحافظة عليها وتجنب الذوبان مع الاندماج بالواقع، مشاركة الآخرين كل ما يمكن مشاركته من نشاطات عامة إنسانية وأخلاقية.
وختاماً سعدنا بإجراء حوار معكِ، لقد كان حواراً شيقاً وثرياً،نطلبُ منكِ اطلاع القارئ على قنوات للتواصل معك.
كل الشكر لكم على هذا الحوار الجميل، والأسئلة الماتعة، وممتنة للاستضافة في مجلتكم الغراء المفيدة والهادفة، وهذه قنوات التواصل:
صفحتي على الفيس https://www.facebook.com/abida.alazem
صفحتي على الانستغرام: https://www.instagram.com/abida_azem
البريد الاليكتروني: abida@al-ajyal.com
موقع إليكتروني:
http://al-ajyal.com/abida/wp-login.php
https://twitter.com/AbidaAzem تويتر:
في نهاية الحوار نتمنى منكِ توجيهِ كلمة لقرّاء وهج نيوز الإلكترونية.
أحيي فيهم حرصهم على المطالعة، وأشكرهم على اختيار هذه المجلة الراقية، وأنصحهم بالاستمرار، فلا شيء يثري العقل وينمي الشخصية يرتفع بالإنسان مثل “القراءة الثرية المدروسة”.