قال رئيس جامعة شقراء الأستاذ الدكتور علي بن محمد السيف: إننا نعاهد ولاة أمورنا أن نجتهد ونسعى ألا نسلم عقول أبنائنا لكائن من كان يعثو فيها فسادًا، لافتًا إلى أن كل منسوبي الجامعة من القيادات والموظفين وأعضاء هيئة التدريس وجميع جهات الجامعة سيكونون بإذن الله حصنًا حصينًا لحماية هذه الفئة وتنشئتهم على حب الوطن والولاء لقيادته، موضحًا أن بيان هيئة كبار العلماء الذي حذر من جماعة الإخوان الإرهابية، يشكل أساسًا للتصدي لفكر كافة الجماعات المتطرفة، التي تستخدم الدين كوسيلة للوصول لأهدافها، واستقطاب بعض شباب الأمة بالتأثير على أفكارهم ومعتقداتهم، والدخول إلى مجتمعاتهم والتغلغل بينهم بأساليب وطرق ملتوية وبث أفكارهم المنحرفة في عقولهم فيصبحوا شوكة في ظهر المجتمع.
وأوضح “السيف” خلال اللقاء العلمي الذي نظمته جامعة شقراء، بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، بعنوان “ومضات مع بيان هيئة كبار العلماء والتحذير من جماعة الإخوان الإرهابية”، مساء أمس الإثنين الموافق 2/8/1442هـ، أن هذا البيان جاء للرد على مزاعم هذه الجماعة الإرهابية وما أفرزته من جماعات أخرى، وتفنيدها وتحذير الشباب خاصة وكل فئات المجتمع عامة، من السير والانخداع بالمنطق المغلوط الذي يروج له أصحاب هذه الأفكار للوصول إلى مآربهم في زعزعة أمن واستقرار الأوطان، وتأليب فئة من الشعب على فئة أخرى، فيحدث الانقسام ويغيب الأمن والأمان والاستقرار، لافتًا إلى أن من هنا جاءت أهمية هذا البيان وأصبح وجوبا علينا أن نقف معه البيان ونشير إلى ومضات منه عن طريق أصحاب الفكر والاختصاص في هذا المجال.
وبعث رئيس جامعة شقراء برسالة للطلبة وشباب الوطن في وأمله في حاضره ومستقبله، قائلًا: إن طريق الحق معروف، ووطننا يزخر بعلماء ورجال دين ثقات نلجأ لهم حين تلتبس علينا الأمور، فيفتونا وينيرون لنا طريق الحق، فلا تتركوا أنفسكم عرضة لأفكار من هنا أو من هناك، ولا تنساقوا من غير عمد أو دراية خلف من لا يرقب فيكم ولا في وطنكم إلاً ولا ذمة، وكونوا كبارًا على قدر وطنكم أوفياء لأرضه التي أعطتكم الكثير، داعيًا الله تعالى أن يبارك في جهود علمائنا الأبرار وأن يحفظ علينا ديننا ووطننا المعطاء وقيادتنا الرشيدة وشعبنا الواعي، وأن يديم على بلادنا الأمن والأمان والرخاء والتطور والاستقرار، وأن يقينا شر أهل الفتن والبدع، وسمومهم، وانحراف فكرهم، وفساد عقيدتهم.
بعد ذلك، تحدث الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد حفظي أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجازان، والذي تحدث حول محور مكانة العلماء وأساليب جماعة الإخوان ومن خرج من رحمها من الجماعات الإرهابية في التقليل منهم، حيث أكد أن هذه الجماعات تهدف للتقليل من مكانة أهل العلم الراسخين لأنهم هم الذين يبصرون الناس بضلالات هذه الجماعات، مشيرًا إلى أن العلماء وأهل العلم لهم مكانة كبيرة في الإسلام وهم أهل الخشية لله عز وجل، الذين تأخذ الأمة عنهم الدين والفتوى وهم الذين تفزع إليهم الأمة إذا حلت الفتن.
وأوضح “حفظي” أنا أساليبهم في ذلك تتمثل في مخالفة هذه الجماعات الإرهابية لأهل العلم الربانيين في تربية الناس ودعوتهم، أما أصحاب هذه التنظيمات والحزبيات كالإخوان وداعش والقاعدة والسرورية والقطبية وغيرها فإنهم يربون الناس لاستعبادهم لتنظيماتهم وقيادتهم، واستعمالهم في تحقيق مآربهم الفاسدة من إشاعة الفوضى وسفك الدماء وسلب الأمن، مبينًا أن هذا مخالف لمنهج أهل العلم في التربية، وتدل أفكار وأقوال مؤسسي هذه الجماعات تتناول أمور لا تعنيهم كالجهاد واستنفار الناس الذي هو دور أساسي لولاة الأمر دون غيرهم، فاستنفار الناس للجهاد هو من مهام ولاة أمور المسلمين ولم يخرج عن ذلك إلا الخوارج قديمًا وجماعة الإخوان المسلمين في الحاضر، وهذا فساد وليس جهاد.
كما أشار إلى أن جماعة الإخوان تخالف جميع الأنبياء والرسل في الدعوة إلى الله، الذي سار عليه العلماء الربانيون، وتتفق مع الرافضة في جعل الدعوة إلى الوصول للحكم أصل يقدم على الدعوة لتوحيد الله عز وجل، لافتًا إلى أن منظروهم يؤكدون على أن مهمتهم الرئيسية تنحصر في إعادة تعبيد الله لربهم، وهذا فيه تكفير للناس كي يعيدوهم إليه، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بعد أن يصلوا إلى الحكم، وفي هذا تكفير للدول والمجتمعات، مشيرًا إلى هذه الأقوال تتناقض مع العلماء الربانيون يدعون إلى الله بالحسنى والموعظة الحسنة، بخلاف ما تقوم به جماعة الإخوان التي تتشابه أقوالهم مع أقوال المعتزلة الذين أساءوا للعلماء.
من جانبه، تحدث فضيلة الدكتور الشيخ عواد بن سبتي العنزي، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، حول موضوع أهمية الاجتماع ولزوم الجماعة ووسائل جماعة الإخوان الإرهابية في هدم هذا الأصل، والذي أوضح أن القصد من إقامة مثل هذه البرامج هو التحذير من هذه الجماعات وحماية النشء منها التي أصبحت تختطف أبناءنا للسير في ركابها الحزبية المخالفة لهدي هذا الدين الحنيف، مشيرًا إلى أن تكثيف الجهود في هذا المجال بهدف التعاون على البر والتقوى، حيث أصبحت هذه الجماعات تتحدث باسم الإسلام علانية وتريد أن تنطوي الناس تحت لوائها.
وأوضح “العنزي” أننا اليوم أمام مسؤولية يوجبها علينا ديننا نصيحة لله ولعامة المسلمين في كشف هذه الجماعات التي اكتوت المجتمعات بنارها، لافتًا إلى أن أولي الأمر اتفقت كلمتهم على التحذير من هذه الفتن والآثار السيئة التي خرجت من هذه الجماعات وما نتج عنها من فرقة وتشتت وتحزب، موضحًا أننا اليوم في مسؤولية عظيمة نشترك جميعا في بيانها لأبنائنا الطلاب، ويجب أن يقوم كل من بدوره في بيان الأدلة الواضحة، مشيرًا إلى أن الاجتماع على الحق ولزوم الجماعة.
وأكد “العنزي” أن الإخوان أهل فرقة وليسوا أهل جماعة والدليل أنهم أنشأوا هذه الجماعة وخرجوا عن جماعة المسلمين، عام 1928م ورتبوا على هذا الخروج بأن الحق ما هم عليه، فيقسم من يريد أن ينضم لها بنص للبيعة موجود في كتبهم، ومن أصولهم منازعة الأنظمة والخروج على الحكام، ولا يرعون الجماعة إلا إذا كان الأمر لهم، لافتًا إلى أن جماعة الاخوان تنقض هذا الأصل في لزوم الجماعة والسمع والطاعة ويتجاهلون نصوص لزوم الجماعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كما أشار وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، إلى أن الموقف من الجماعة ليس موقفًا سياسيًا أو اجتهادات مؤقتة ولكن توجد أصول شرعية عند العلماء وولاة الأمر الذين ينطلقون من تحكيم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لافتًا إلى رأي هذه الجماعات الإرهابية ومواقفهم تجاه المملكة العربية السعودية وتوظيفهم للأحداث التي تقع فيها لخلخلة الصف وزعزعة أمن واستقرار هذه البلاد فيجب السعي لبيان خطر هذه الجماعة.
ثم تحدث الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن الهليل الباحث في القضايا الوطنية والأمن الفكري برئاسة أمن الدولة، حول التحذير من فكر وخطر جماعة الإخوان الإرهابية من خلال 6 وقفات تاريخية لهذه الجماعة التي بدأت منذ ما يقارب 100 عام وغيرت في مواقفها ومبادئها وأفكارها، حيث بدأت بداية صوفية المخالفة للعقيدة والكتاب والسنة، ثم تحولت إلى الجمع بين الصوفية والسلفية لكسب طلبة العلم بأنهم ينطلقون من فكر إصلاحي واستمالوا بعض الشباب بهذه المزاعم، ثم لجأوا إلى التهجين الفكري بين العمل الديني والسياسي.
وأضاف “الهليل” إلى أن التحول الرابع كان للعمل المسلح والعسكري والمواجهة المباشرة مع الأمن في بعض الدول مع شرعنة هذا العمل وتسميته بالجهاد، حتى ينطلقوا من منطلقات يزعمون بأنها شرعية، ثم بعد ذلك بدأ التحول إلى تكفير المجتمعات وتجهيل المجتمعات الإسلامية، إلى أن وصلوا إلى التحول إلى التنظيم القتالي كالقاعدة وغيرها، والاستهانة بدماء المسلمين، مقدمًا عدد من التوصيات منها تنقية المقررات الدراسية والرسائل العلمية من أفكار هذه الجماعات المنحرفة.
ومن جهته أوضح الدكتور محمد المشرافي المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة شقراء، والذي أدار اللقاء، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى اتباع الصراط المستقيم، وحذرنا من السير على منهج أهل الأهواء الذين يقيسون الأمور بأهوائهم ورغباتهم وشهواتهم دون نظر شرعي صحيح ولا عقل سليم، مشيرًا إلى أن الله تعالى قد أمرنا بالاجتماع ونهانا عن التفرق والاختلاف، ونهانا عن اتباع السبل التي تصرفنا عن الحق وعن الصراط المستقيم.
وفي ختام اللقاء تم فتح المجال لبعض المداخلات من الحضور، حيث تحدث الدكتور طلال بن عبد الله الشريف الأستاذ بكلية التربية بالدوادمي، عن السمات الخمسة لجماعة الإخوان، بأنها مخادعة وتكفيرية، وحزبية سياسية تهدف للوصول للسلطة، وهي جماعة عنف وإرهاب أنجبت مجموعة من الجماعات، داعيًا لإعادة النظر في تنقية المناهج والرسائل العلمية والكتب، وطرق التدريس لمحاربة المنهج الخفي لهذ الجماعات، والتعمق لتهيئة الطلبة لتحليل ونقد أفكار هذه الجماعات، إضافة إلى دور الأسرة في ذلك.
كما قدم الدكتور حمود الدعجاني الأستاذ بقسم الدراسات الإسلامية بكلية العلوم والدراسات الإنسانية بشقراء، مداخلة تحدث خلالها عن التأكيد على مكانة العلماء والتحذير من فكر الجماعات الإرهابية، والتحذير من الشعارات البراقة لهذه الجماعات للتلبيس على الناس فهي إنما تجلب الفتن كقطع الليل.
وفي ختام الندوة، تحدثت الدكتورة منى بنت محمد السليم وكيلة كلية المجتمع بشقراء، والتي أكدت على أن أشد ما يفسد الاجتماع ويوقع بين المؤمنين العداوة والبغضاء هو التحزب والتشرذم، ومن أشهر تلك الأحزاب المفرقة ما يسمى بجماعة الإخوان وما تفرع عنها من جماعات منهجهم قائم على الخروج على الحكام، وهي أخطر الفرق لأنهم اعتبروا أنفسهم دولة داخل دولة وحكومة داخل حكومة فهي فكرة سياسية بعيدة كل البعد عن الاسلام الصحيح.