بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا محمد الذي قال الله عنه :
“وإنَّك لعلى خلق عظيم”
وقالت عنه حبيبته عائشة رضى الله عنها:
“كان خلقه القرآن” عليه الصلاة والسلام.
حديثنا اليوم عن موضوع غاية في الأهمية:
إنْ كان السمك لا يعيش إلا في الماء،
وكانت الطيور لا تُحَلِّق إلا في الهواء.
فإن النَّاس لا يَهْنَئُون في هذه الحياة إلا من خلال العلاقات. حياتنا هي علاقاتنا ، وعلاقاتنا هي حياتنا.
كيف لا، وكما يقول المثل الشعبي: “جنة مافيها ناس ماتنداس”
-وخير من هذا الكلام مارواه ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهما أن آدم عليه السلام لما كان في الجنة وهو في الجنة استوحش، فلمَّا نام خلق الله له من ضلعه حواء لتؤنسه عليهما السلام.
-نحن هنا في هذا الكوكب و على هذه الأرض لا نستطيع أن نعيش إلا مع الناس، ولا نستطيع أن نتعايش وأن نختلط إلا بالناس ومع الناس.
– مَا أَثَارَ حفيظتي في هذا الموضوع، موقفٌ كان أمامي حدث بالمقعد الذي أمامي في الطائرة، كان فيه أخٌ مسلم من بلاد الهند أو باكستان، أو من بنجلادش لا أدري.
لكن الذي أدري هو ماحدث أمامي قبل مدة قصيرة.
أول ماتحركت الطائرة، ورجعت للوراء، أَيْقَنَ هو أنه مسافر، والذي يظهر لي أنه خروج نهائي فرفع الهاتف،
-ألو بابا.
-قال: نعم.
-قال: معلوم أنا؟ -وأنا أسمعه-.
-قال: نعم. معلوم.
-قال: أنا فلان. كفيل معلوم أنا؟
-قال: أنا أعرفك نعم. فلان.
-قال: أنتَ خربان، وبابا أنتَ خربان، وماما أنتَ خربان، ومدام أنتَ مافي كويس، ثم صار يقول كلامًا أُُشَرِّفُ المكان، وأشرف الآذان عن أن أقوله لكم، ولكن أراد أن يشتمه، وأن يُخْرِج حرارة مافي قلبه، فلم يجد أي كلمات تصف مايشعر به فقال له بعد أن ضاق معجم ألفاظه العربية قال:
كفيل أنت أكبر مقاس حيوان دنيا!!
ما استطاع أن يعبر، ذكر أي كلام ليُخْرِج مافي خاطره.
– أنا أسمع هذا الكلام وأقول:
أعوذ بالله إن كان قد ظلمه.
كيف لا؟! وسوء الخُلُقِ يدخل النار.
كيف لا؟! وسوء الخُلُقِ هو السيئة التي لاتنفع معها حسنة.
كيف لا؟! وقد قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: فلانة يارسول الله ماتت.
قال: هي في النار.
يارسول الله: صوَّامة، قوَّامة! -ليست تصوم بل صوَّامة، ليست تقوم الليل بل قوَّامة-.
قال: هي في النار.
لماذا يارسول الله؟!
قال: تؤذي جيرانها بلسانها؟
كيف لا؟! وحُسن الخُلُق لايعدله في الميزان شئ.
كيف لا؟! وحسن الخُلُق يجعلك قريب، وتزاحم أبا بكرٍ، وعمر، والصحابة الكرام عند حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
كيف لا؟! ودرجة حسن الخُلُقِ تعدل درجة الصائم القائم لله جلَّ جلاله.
– حسن الخُلُقِ أيُّها الكرام الذي يمكن أن يدخلك الجنة، وسوء الخُلُق أيها الفضلاء يمكن أن يدخلهم النار.
كيف لا؟! وقد جاء القرآن بثلث آياته تحثُّ على العدل، والكرم، الأخلاق، والمودة، والرحمة، على حُسن الخُلُقِ.
كيف لا؟! وحسن الخُلُق يقول عنه ابن القيم:
“الدين توحيد الحقِّ-هذا النصف الأول، والنصف الثاني- حسن التعامل مع الخَلْقِ”
هذا هو الدين. “إنَّما بعثت لأُتَمِمَ مكارم الأخلاق”
هذه الأخلاق التي هي وسيلة تعايشنا، وللأسف أن معظم معاناة الناس من الناس!!
ذلك الإنسان الضعيف الذي كلَّم كفيله المسئول عنه الذي مات النبي صلى الله عليه وسلم في سكرات موته عليه الصلاة والسلام وهو يوصينا:
الصلاة، الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم. هؤلاء الضعفاء.
من المؤلم جدًا أيُّها الكرام:
– أن يكون مصدر رزقك هو مصدر ألمك.
-أن تعمل في وظيفة يضايقك مديرك، أو زميلك.
-أن تسكن في بيتٍ جارك لا تأمنه.
” والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقة”
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، فليكرم جاره”
قيمة حسن الخلق والتعامل مع الناس عظيمة جدًا في ميزان الشريعة.
كيف لا؟! والمفلس يوم القيامة من جاء بالجبال العظام من الأعمال؛ يصلي، ويصوم، ويتصدق، ويزَكِّي، ويبر، ولكنه شتم هذا، وأخذ مال هذا، وتخاصم مع هذا، وفجر مع هذا ؛ فَتُمْحَق كل هذه الأعمال..
وللكلام بقيه،،
بقلم : عزيزه الشهري