في الآية ٩٧ من سورة المؤمنون يقول تعالى(وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ).
الهمزات هي جمع همزة . والهمز في اللغة النخس والدفع ؛ يقال : همزه ولمزه ونخسه دفعه، الهمز كلام من وراء القفا ، واللمز مواجهة ، والشيطان يوسوس فيهمس في وسواسه في صدر ابن آدم ؛ وهمزات الشياطين أي نزغات الشياطين الشاغلة عن ذكر الله تعالى . والرسول الكريم كان يتعوذ من همز الشيطان ولمزه وهمسه، وقيل إذا أسر الكلام وأخفاه فذلك الهمس من الكلام . وسمي الأسد هموسا ؛ لأنه يمشي بخفة لا يسمع صوت وطئه .
فأمر الله تعالى نبيه – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين بالتعوذ من الشيطان في همزاته ، وهي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه ، فالنزغات وسورات الغضب الواردة من الشيطان هي المتعوذ منها في الآية ؛ وقد روي أن خالدا كان يؤرق من الليل ؛ فذكر ذلك للنبي – صلى الله عليه وسلم – ، فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامة من غضب الله ، وعقابه ، ومن شر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون .
وفي كتاب أبي داود قال عمر : وهمزه الموتة ؛ و الموتة يعني الجنون، و أن يحضرون أي يكونوا معي في أموري ، فإنهم إذا حضروا الإنسان كانوا معدين للهمز، حمانا الله من حضورهم و شرهم.
وفي صحيح مسلم ، عن جابر قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول 🙁 إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه ، حتى يحضره عند طعامه ، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة ، فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان
فإذا فرغ فليلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة) .
أحبتي..
الشيطان هو العدو الأول للإنسان بعد وسواس نفسه و هواها، ولنعي بأن وظيفته التي من أجلها طلب من الله أن ينظره إلى يوم الدين هي دفع ابن آدم للكفر و الضلال و النار و هو يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه وبحرفية عالية و يساعده في ذلك نسيان المسلم للذكر والتحصين والبعد عن طاعة الله.
إبليس يحركه حقد دفين من الإنسان كونه العامل الذي أخرجه من الجنة و حاز غضب الله بسببه لكن الحقيقة أن ما جعل الشيطان في هذا الحضيض و هذه المكانة الممقوتة هو كبره وعصيانه لربه لذا وجب علينا دوما التعود من شره و سلطانه و نعود أبناءنا على ذلك فكم من أناس فسدت حياتهم من جراء سيطرة الشيطان أو بسبب نغزه وهمزه، وكم من أشخاص أنهكت مرضا بسبب العين و الحسد و السحر التي يتزعم عملها الشياطين، وكم من أسر تهدمت نتيجة الغضب وكم يفرح ابليس و ذريته بفساد العلاقة في البيوت مابين الإخوة والأزواج .
نعوذ بالله من شر كل وسواس خناس.
غدا بإذن الله نبحر في سورة الناس استكمالا لهذا الطرح، انتظروا الفنار.
د. فاطمة عاشور 💜