بقلم حبيبة أحمد سليمان
_ رسالة في زمن كورونا
في ذات يومٍ ازدحمت في رأسي أفكار كثيرة كادت أن تقلع عقلي من مكانه ، حتى استطعت أتغلب عليها ، فأخذتُ نفسي وجلست على المكتب ، تصفحت حتى وجدت ورقةًً فارغة ، امسكت بها و أخذت قلمي المفضل ثم بدأت بسرد الأفكار عليها أخذت اتأمل الوضع في زمن كورونا وأكتب ما يجول في خاطري ، كتبت الأسباب ، وأعداد الإصابات ، وأماكنها ، و بدأت أشاهد الإحصائيات وأدونها ، ولم أغفل عن الإجراءات الاحترازية وجهود وزراء الصحة لاجتياح هذه الأزمة بأمان ، وأثناء كتاباتي توقفت عند أمر معين دخل ذهني فجأة بدون تفكير واستئذان ، و سألني كيف ستنتهي هذه الأزمة ومتى ؟ ، ذهلت من السؤال وأخذت أفكر وأفكر لأستطيع أن أحصل على الجواب المرضي وطالت ساعات التفكير ، وبدأت عيناني تتجولان في الغرفة حتى وقعت على المكتبة ، وهناك وجدت الحل.
قمت من على مكتبي قاصدةٌ المكتبة لأخذ منها المصحف الكريم – كتاب فيه جميع الحلول – أخذته ومسحت ما عليه من غبار ثم بدأت بتصفحه حتى وقعت عيناي على قوله تعالى : ” وما كان ربك مهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون” سورة هود ، حينها توقفت قليلاً وقلت في نفسي هل كورونا جاء ليفكر الذنوب ويرفعنا درجات أم جاء ليهلكنا بعد أن أعصينا الله و أغمرتنا الذنوب ، بعد أن أخذتنا العزة بالإثم وأبعدتنا حياة الترف واللهو واللعب عن غاية خلقنا وهي العبادة ، _ يقول الله تعالى في سورة الذاريات : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) _ ، لم أستطع الدخول في تفاصيل وأسئلةٍ أكثر فأخذت أقلب في صفحات المصحف لعلي أجد إجابة عن سؤالي الأول ، و في ذاك الوقت وقع نظري على تفسير يوسف للرؤية التي كانت سبباً في خروجه من السجن ، بدأت استعرض القصة من أولها حينما رأى الملك سبعا ثمان يأكلهن سبعٌ عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ، وبدأت أحلل تفسير يوسف عليه السلام ،الذي قال فيه ازرعوا سبع سنين دأبا فما حصدتم فزروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون ثم قال ويأتي بعدها سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون ، واختتم تفسيره بعامٌ يغاث فيه الناس وفيه يعصرون ، حينها توقفت قليلاً وأصبحت أربط ذلك التفسير بواقعنا ، وقلت في نفسي لماذا لم نفعل مثل يوسف عليه السلام ، لماذا لم نزرع الخير والتقوى في أيام اليسر لتكون لنا مخرجاً في أيام العسر ،يقول الله تعالى:” ومن يتق الله يجعل له من أمره مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب” .
لقد مرت علينا سنين يسيرة كثيرة ولكننا افتتنا برفاهيتها وثرائها ، ولم نكن نلقى بالاً على ما قد يحدث بعدها ولم نتوقع أن تأتي سنين عجافٍ شداد تحجمنا بالمنازل وتعلق دخولنا المساجد وتجعل أبسط أمنياتنا في الرجوع لحياتنا التي طالما سئمناها ، ولكننا على يقين بأن هذه العجاف ستمر وأن فرج الله قريب فكما يقول الشافعي
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج وأنه لا بد أن يأتي عامٌ يغاث فيه الناس وفيه يعصرون .
حسناً ماذا يبقى؟!
يبقى أن أقول : صحيحٌ أننا لم نزرع شيئاً في سنين الرفاهية يسد جوعنا في سنين العتمة والظلام ، ولكن هذا ليس معناه أن الزراعة مستحيلة بل هي مازالت ممكنة ، وخاصةً أننا مقبلين على شهر الخير والبركات ، فلنجعل من هذا الشهر فرصة للتقرب من الله وتقواه والرجوع إليه ، لعل الله يرفع بهذا اللجوء البلاء ويرزقنا بعامٍ نغاث فيه ، وكل عامٍ وأنتم جميعاً بخير .