أستيقظت ذات صباح من نومي بعقلٍ بات يقظان ، وشعرت بالخمول فتمددت على كرسي بجانب نافذتي أرقب أشعة الشمس وهي ترمي بخيوطها الذهبية كأنها صيادٌ يرمي بشبكته ليصطاد ..
رأيت شيئاً لعلي رأيته من قبل، لكنني هذه المرة تعمقت في الفكرة أكثر و هآلني ماتوصلت إليه من حقيقة ثابتة ونهج راسخ ..
الآن أستشعرتها وفهمتها أكثر من ذي قبل ..
كانت هناك ذرات متناثرة من الغبار أو التراب أو ما شابهها تتطاير في الجو و تتضح بشكل أوضح في أشعة الشمس وكأنها ريش من الخفة يتراقص مع الرياح حتى أنني مددت يدي لأبعثرها و أحرك اتجاهها فكانت تتغير مع حركة يدي ..
عجباً لها معلقة في الهواء ومبعثرة وكأنها لا تنتمي لهذا الكوكب فلم تعد الجاذبية الأرضية تستقطبها ..
رأيت بعضها لامعة ومضيئة وكأنها تخبرني أنها في أوج توهجها و سرعان ما تنطفئ ويختفي بريقها والآخريات تسبح في لجةٍ بلا هدف وكأنه غُثاءَ سيلٍ بلا زبد..
نظرت إليها وتأملتها ثم استدركت أنها بالفعل *الهباء المنثور* الذي ذكر في القرآن الكريم ثم أفقت على فكرة أن أحلامنا التي طالما سعينا في تحقيقها وما تحقق منها على أرض الواقع وكل أعمالنا في الدنيا، إن لم يكن للآخرة فيها نصيب ولم تكن إبتغاء ماعند الله ولوجهه الكريم فلا يقيم الله لها يوم القيامة وزناً وستتطاير أمام عينيك هَباءً منثورًا..
﴿وَقَدِمنا إِلى ما عَمِلوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلناهُ هَباءً مَنثورًا﴾
[الفرقان: ٢٣]
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا..
بقلم وفاء العتيبي 🕊️