الوهم نصف الداء، فالإنسان يصنع من وهمه وقلقه شبحًا يخاف منه ويرهبه، حتى إذا تمكن منه هذا الشبح أصبح أسيرًا له، بل يصير سجينًا لهذه الأوهام والخرافات ….
حديثي اليوم لك عزيزي المقبل على الزواج وأود أن أضع بين يديك بعض الأوهام التي تشكل شبحًا يمنعك من اتخاذ القرار بالزواج، ذلك الشبح إذا تمكن منك تملك عليك اللب والفؤاد ويفسد عليك – عزيزي – حياتك الأسرية، فيكون حائلًا يمنعك من الزواج ويضيع عليك أحلى سنوات العمر دون أن تبني أسرة هادئة، هذا العش الزوجي الذي يعتبر غاية الفرد من زيجته الصالحة.
و لا تستهن بهذا الشبح المخيف المانع من الإقبال على الزواج و الذي أدى إلى إحجام أكثر من 600 ألف شاب في مجتمعنا عن الزواج.
عزيزي يسعدني أن أوضح إليك حقيقة هذا الشبح الوهمي ،و هيّا ننطلق سويًا في عرض الوهم الأول و الذي يتمثل في ( الأفكار الموروثة و المفاهيم الخاطئة عن الزواج ) تلك الأفكار و المفاهيم المتداولة في مجتمعات الذكور ، حيث ترى أحد كبار العائلة – أو من يدعي الحكمة – ينفث سمه في ذلك الشاب المقبل على الزواج ، موضحا له مدى الألم و الحزن الذي سيصيبه بمجرد الدخول إلى فخ الزواج ، نجد هذا الحكيم المدعي يصف الزواج على أنه الخطيئة الكبرى التي يقع فيها الرجل ، فيتخيل المقبل على الزواج نفسه كالفريسة التي وقعت في براثن الوحش المسمى بالعروس .
نجد هذا الحكيم المدعي يقلب للشاب المقبل على الزواج مساوئ الزواج و يخدعه بكلامه المخيف عن المشاكل الزوجية مصورًا له الحياة الزوجية بأنها الجحيم الذي يستعر كل يوم .
أما الوهم الثاني فهو وهم نفسي على عكس الوهم الأول الذي يأخذ الصفة الاجتماعية يمثل هذا الوهم في عبارة كثيرة التردد على المسامع اليوم ( أريدك مثل أمي رائعة في كل شيء) هذا الوهم يقع فيه كثير من الشباب المقبلين على الزواج ، حيث يعقد الشاب مقارنة لا شعورية بين زوجة المستقبل و بين أمه الفاضلة ، تلك المقارنة الخائرة بالتأكيد ستكون الخاسرة فيها هي زوجة المستقبل ، فشتان بين هذه الأم الفاضلة التي أخذت من تجارب الحياة و تلك الفتاة حديثة العهد بالحياة و تجاربها ، عزيزي أمك المثالية التي تراها اليوم أنما صنعت من مواقف الأمس فكن منصفًا .
الوهم الثالث: ذو صفة أخلاقية حيث نجد العديد من شباب اليوم أدمن – إلا من رحم ربي _ على مشاهدة المقاطع الساخنة على صفحات المواقع الإباحية الخائنة، فوجد بعض شباب اليوم المتنفس والملاذ في تلك المواقع البشعة التي نجحت – وإلى الله المشتكى – في جذب شغف الشباب لها.
الوهم الأخير كي لا أطيل عليك – رفع الله قدرك – يمكن تلخيصه تحت شعار (أنا من أدفع فواتير الزواج منفردًا ) و إذا رجعنا للحق فإن هذا الوهم الاقتصادي ينطوي على جانب كبير من الصحة ، حيث أكدت الإحصائية التي نشرتها وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع جمعية المودة للتنمية الأسرية و التي أكدت على أن أكثر من 89% من تكاليف الزواج تشغل الهم الأكبر للشاب المقبل على الحياة الزوجية لأكثر من تكاليف الحياة الزوجية نفسها ، هذه النسبة ليست هينة فهي تجعل كل شاب مقبل على الزواج يفكر مرات ومرات قبل اتخاذ القرار بالزواج .
هيا عزيزي الشاب نقتل هذا الشبح من الأوهام فلترفع شعار (لن أسمع من أحد) وليس هذا رفضًا للنصح حاشا لله بل بالعكس هو استفادة منه، لكن ضع أمام عينيك أن لكل تجربة زواجية ووراء كل زفاف ظروفه الخاصة، فمن الخطأ الفادح تعميم خبرات الآخرين على تجربتك الخاصة، ما يجب عليك عزيزي أن تتطلع على تجارب الآخرين وتنتقي منها ما يناسبك أنت ويتوافق مع تجربتك الزواجية الفردية.
وللحديث بقية ….