شاعر سعودي معاصر شع نجمه في سماء شعراء الصف الأول، وذلك لتمكنه من المفردة وإيصال المعنى بإيجاز دون تكلف أو غموض.. وهو يكتب القصيدة المحكية بلغة تصل إلى الوجدان، مشاكس في نصوصه، ويرى أن الشاعر يحتاج إلى كاريزما عالية حتى يصل شعره إلى الناس..
اسمه : محمد بن عمر السكران التميمي ولد في عام ١٩٩١ في الرياض وترعرع فيها ، قرض الشعر منذ نعومة أظفاره فشاعرنا لم يتجاوز العقد الثالث من عمره…
شارك محمد السكران في برنامج شاعر المليون في نسختة السابعة عام 2015-2016 وحصل على المركز الثالث، عرف عن السكران مواضيعه الشعرية المختلفة عن السائد، وطرحه الجريء، وانتقاده الجهل والعادات البالية، أغلب قصائده تتمحور حول الإنسانية وقبول الآخرين بمختلف ألوانهم وأطيافهم، فامتاز شعره بالسخرية وكان حبه للشعر الساخر لتمرير رسالته عن طريقه، شارك في عدة أمسيات شعرية، في الخليج وفي الدول العربية وفي لندن وفي واشنطن في مناسبات السفارة السعودية هناك، وحل ضيفا على نوادي الطلبة الخليجيين في الخارج.
كما شارك في عدد من المهرجانات والأُمسيات مثل: ملتقى عمان الشعري، ملتقى وفاء وولاء، ملتقى الصيد والصقور السعودي، أمسيات المملكة في حائل، وشارك في حفل استقبال أمير منطقة القصيم.
من قصائد السكران الجميلة التي جسد فيها ألم الصمت في وقت تتزاحم فيه الكلمات في صدر الشاعر حيث قال:
وش بلانا من جلسنا وحنا ساكتين..
اول ايام السكوت اخر ايام , الغلا
ادري انك ودك تروح .. لكني , حزين
روحتك وانا بحاجتك .. مافيها حلا
ودي اسمع منك قبل انتفارق .. كلمتين
اتوارا في ذراها عن عيون , الملا..
انتهى عمرٍ من الحب .. ياسرع السنين
انجلا والله مدري على ويش انجلا..
النهايه طعمها مر .. والتهميش , شين
لو يحس المبتلي بانكسار المبتلا
يعلم الله ما درا غير رب العالمين..
ابتسم للناس وانثر .. دموعي , فالخلا
المواجع كنها قبر .. ما تاخذ اثنين
واحد يدله ويسلا و واحد .. ما سلا
يا قلوب .. العالم المقبلين , الراحلين
اه من ظلم الولايه .. وتمثيل الولا
سعد عيني قبل ما اكون مثل الاخرين
وبري حالي يوم بدلت لبيه , بهلا
دورولي قلب يصبر ولو اشريه دين..
غير قلب صب فيه الحزن لين .. امتلا
حين يولد الشعر مع صاحبه، ينطق الشعر حديثاً وينبع الاحساس من أعماق الشاعر بالفطرة، فلقد تميز شاعرنا برهافة الحس وإيصال الشعور بأترف الكلمات و أعذب الحروف ومن أجمل بنات شعره قصيدته فرقى الرجاجيل..
ليت مالي عين تدمع ولا قلب رهيف
ودي ان الزين والشين في عيني سوا
مؤمن أن الله تعالى وانا عبداً ضعيف
ناوين بي خير لو كنت مدري وش نوا
فاقد علاج لروحي ليا جاها نزيف
هو صحيح انسان لكن على هيئه دوا
لعنبو من هل دمعه على فرقا وليف
والله ان فرقا الرجاجيل ملعونة ثوا
اه يابابن مصفح ويا سورن منيف
ماوراك الا سنافي وعالي مستوا
لوتعرفون انه انقا من الثوب النظيف
ماكسرتو خاطر الذيب يوم انه عوا
طحت لجله طيحة الاوراق في فصل الخريف
يوم طاحت جف ماها وطيرها الهوا
ففي هذه القصيدة جسد لنا الشاعر الام الفقد ومرارته والوجد والحنين للشخص المفقود
وترك لنا مجال الفقد مفتوح ، قد يكون مرضاً أو سجناً أو موتاً فجميعها موجعة وفجيعتها مؤلمة أجارنا الله وإياكم من الفقد بجميع أشكاله..
ولم تقف الدهشة عند هاتين القصيدتين فله قصائد كثيرة كلهن متفردات في المعنى والإتقان، من تلك القصائد قصيدته التي أراد بها الشاعر أن يصف الغربة وكأنه يصف البعد عن الحبيبة فلقد علق عليها الشاعر في إحدى لقاءاته إنها حسبت ظاهرياً على أنها قصيدة غزلية و لايفهم معناها إلا متمكن في الشعر ومتذوق فهيم فالغرض منها وصف شعور المغترب في غربته وهنا يتمثل القول المشهور :
المغزى في بطن الشاعر
ومطلع هذه القصيدة:
أنتي عذية وانا شاعر وعندي كلام
تحملي عذري الواهي وحقك علي
لكن القصيدة التي حققت شهرة حقيقية للشاعر محمد السكران هي التي كتبها تحت عنوان «رسالة إلى جدي آدم عليه السلام» و انتشرت انتشاراً واسعاً، بين متذوقي الشعر، إذ أنتقد السكران بعض عادات المجتمعات في العالم وطالبهم بالتعايش فيما بينهم، مستنكراً الخلافات التي وصلوا لها من جراء اختلاف الأديان والمذاهب ليمنح القصيدة أبعاداً أخرى، خصوصاً بعد أن قام المترجم عبدالله الخريف بترجمتها للإنجليزية ليمنحها بعداً عالمياً. وقال الخريف: «بعد انتشار قصيدة الشاعر «محمد السكران» التي تتحدث عن كل البشرية بمختلف أطيافهم وألوانهم، والموجهة لأبي البشرية كلها قررت ترجمتها إلى الإنجليزية بطريقة بسيطة حتى يفهمها العالم أجمع».
القصيدة ركزت أيضاً على اختلالات المجتمع العربي وتناولها الشاعر بشكل بسيط، استطاع من خلاله أن يداعب إحساس الجماهير العربية بطريقة سلسلة.
الناقد مشعل الفوازي قال إن «قصيدة محمد السكران «رسالة إلى جدي آدم عليه السلام» أعتقد أنها تعدّ من أجمل ما كتب من الشعر الشعبي خلال فترات طويلة، بدءاً من الفكرة الكليّة للنص، وصولاً إلى الإسقاطات الفلسفية السريعة المتوالية كحبات مطر والمصاغة – رغم عمقها – بقالب شعري سهل غير متكلف.. كل ذلك – وغيره – يؤكد لي ما أعتقده».
القصيدة التي حققت نحو 5 ملايين مشاهدة خلال يومين من نشرها على تويتر، تفاعل معها عدد كبير من الشعراء والنقاد والإعلاميين، إذ يقول الإعلامي أحمد الفهيد «فكرة النص بارعة، والكلمات قطوفها دانية.. هنا حقل من الدهشة الشعرية، حقل تتسابق إليه الأنهار».
ويقول السكران في مطلع قصيدته:
يا جدي آدم عليك افضل صلاة وسلام
الوضع ماهوب ياجدي على ما تحب
إلى أن قال:
من عقبك احفادك انقسموا واخس انقسام
عاتبهم ارجوك يمكنه يفيد العتب
النار من بينهم وصلت حدود الغمام
وقودها الناس مافيها رماد وحطب
مذاهب وكل مذهب فيه مفتي وامام
زحمة ديانات تجلد بعضها في الخطب
والدين مبدا ونفس سامية واحترام
ماهوب بذرة كراهية ودورة نشب
والدين منهج وكيفة حياة ونظام
ماهو نزاعات تاصل دمها للركب
في ثورة النور ما زلنا نعيش بظلام
سلومنا عقدتنا يا سلوم العرب
احلامنا علقوها في حلال وحرام
تخيل الحب يا جدي ما هو مستحب
في مجتمع يحتقر من يعترف بالغرام
(ما يعترف بالغرام الا قليل الأدب)
تصدق انا وصلنا لاخر الانفصام
وصرنا نقيس الرجولة بالدقن والشنب
ومن (على الطلاق) إلى (علي الحرام)
بناتنا ارخص من المعدن بسوق الذهب
مازال قلم شاعرنا يكتب، ومنهل إبداعه لا ينضب، فله من صحيفتنا أجمل التحايا و زاوية وفاء قصيدة تفخر بالشاعر الشاب الذي له بصمة دامغة وحضور طاغٍ في مواقع التواصل الاجتماعي ، لاسيما حضوره الشبه يومي في تويتر فلقد فاق به كثيراً من شعراء المرحلة، وقطع سنوات خبرتهم في قربه من جمهوره بشكل دائم..
بقلم: وفاء العتيبي 🕊️