في المجتمع العربي أمورٍ مغرية لا بد لها من نقاشٍ صريح حولها ، ومستجدات كثيرة تحتاج إلى وضع حدود للحد من انتشارها ، ومن أهم المستجدات التي انتشرت في الفترة الأخيرة هي استقدام وعمل الخدم في المنازل وهي ظاهرة إيجابية وسلبية في نفس الوقت فمن إيجابيتها معاونة الأم والزوجة على تحمل أعباء المنزل ولكن للأسف الشديد هذه الظاهرة تنطوي على سلبيات أكثر من الإيجابيات ومن أهم السلبيات: تأثر الأطفال بثقافة ولغة هذه الخادمة بشكل كبير والمصيبة تكون أكبر حين أن تكون الخادمة غير مسلمة، في بعض الأحيان تعتمد الزوجة على الخادمة بشكل كبير وهذا خطأ جسيم تقوم به هذه الزوجة لأنها بهذا الخطأ تكون أحالتها من المرتبة المعاونة إلى المرتبة الأساسية فتضع عليها أعمالاً من الواجب على ربة المنزل أن تقوم بها بدوريها الزوجة والأم وغيرها من الأخطاء التي تقع فيها الأسرة حين نستقطب الخادمات.
هناك شيء مشترك على الأسر فعله عند استقطاب الخادمة للعمل لديهم ألا وهو وضع الحد لمهامها فلا تتجاوزه وعلى السيدة ( الأم والزوجة) كذلك ألا تغفل عن مهامها ودورها الأساسي جراء زوجها وعيالها اتقاءً لعواقب الأمور السيئة.
وهنا نقف أمام عدة أسئلة طرحناها على عدد لا بأس به من السيدات والرجال عن موقفهم من الخادمة المنزلية:
كيف تقلل الأسرة الآثار السلبية التي تسببها الخدم؟
هل الخدم بديل أم معاون؟
ما النصيحة التي تقدموها للمرأة العاملة لكي لا تنهمك في العمل وإثبات ذاتها في وجود خادمة منزلية وتنسى واجباتها تجاه زوجها والأسرة؟
وإجابةًً على هذه الأسئلة قد أكدت الكاتبة الاجتماعية والقاصة مريم خضر أن الأسرة العربية والسعودية خاصة تعتمد على سيدة المنزل والتي هي بمثابة مديرة لكل أمور المنزل سواء بوجود خادمة أو بدونها، لذلك تكون الزوجة هي المسئولة الأولى عن حياة أسرتها سواء كانت تعمل او لاتعمل؛ وهنا نستطيع ان نصنف المسئولية حسب طبيعتها ؛ فالزوجة العاملة أحياناً تضطر في الاعتماد بنسبة عالية على الخادمة وهي مجبرة على ذلك بحكم عملها وانشغالها خارج المنزل معظم النهار، أما الزوجة التي لا تعمل تجدها تهتم بالعمل شخصياً بجانب الخادمة ولا تترك لها الحرية في التصرف في امور اسرتها الشخصية، وقد نجده عند بعض الزوجات العاملات أيضاً؛لذلك يجب الحرص على سيدة المنزل(الزوجة) عدم الاعتماد علي الخادمة مهما كان الأمر، قد تضطر أحياناً لظروف تمر بها الزوجة العاملة، ولكن عندما تتحسن ظروفها تعود لمهمتها الأساسية ليخفف هذا من السلبيات التي تترتب على غياب الخادمة سواء غياب مفاجئ أو انتهاء مدة العقد أو مرضها، كي لا يتغير برنامج الأسرة جميعها او تنقلب حياتها رأس على عقب بسبب غياب الخادمة.
حقيقة وجود الخدم في المنازل هو أساساً لمعاونة ربة المنزل سواء كانت تعمل اولا تعمل، ويكون التعاون في امور المنزل( غسل وكي ونظافة )فتكلف بالأعمال المنزلية التي تحتاج وقت وجهد كبير، وليس لها في تربية الأبناء او العناية بهم؛ بل نحرص على الصغير والكبير منهم ولا نعتمد اعتماداً كلياً،وعلى الزوجة أن لا تهمل العناية بخصوصيات الزوج والأبناء فليس ذلك من مهام الخادمة.
لا نجهل جميعاً أن عمل الزوجة خارج المنزل يشغل وقتها معظم النهار فتعود لمنزلها مرهقة لا تقوى على قيامها بواجباتها تجاه أسرتها فتضطر إلى الاعتماد على الخادمة لتنال قسطاً من الراحة.
أرى أنه من الضروري على الزوجة تنظيم وتوزيع المهام المنزلية العامة وليست الخاصة إلى ايام الاسبوع لتقوم بها الخادمة مع الاشراف عن بعد؛ خاصة في نهاية الاسبوع والإجازات الرسمية، فالزوجة الحريصة على ترابط أسرتها لا تترك ( الحبل على الغارب) وبالتنسيق والتنظيم في مهامها بين عملها وبين اعمال المنزل؛ فلا تتنازل عن دورها كزوجة وتحرص كل الحرص غلى ذلك، لان بعض مهام ومتطلبات الزوج لا تستطيع الخادمة أن تقوم بها ابداً مهما كانت بسيطة فالخادمة جاءت للأعمال المنزلية فقط،اهتمام الزوجة بأسرتها يكون من اوائل واجباتها ويزداد اكثر في حين وجود خادمة، حتى لاتندم وتتفكك الأسرة وتتلاشي الروابط الوثيقة بينهم.
وقد ذكر الأستاذ عبدالله محمود المشرف العام على صحيفة وهج نيوز أن على الأسرة تقليل الآثار السلبية للخادمة وذلك عن طريق تحديد وتقنين مسؤولياتها داخل المنزل بحيث لا يتم تكليفها إلا بأعباء وأعمال المنزل بعيد عن استجابة طلبات الاطفال او الزوج مع توجيه الاطفال بالطلب من الام مباشرة دون الخادمة،من وجهة نظري الخادمة ليست بديل عن تواجد الأم وليست معاون.. حسب احتياج الزوجة وطريقة تعاملها مع أعباء المنزل فأرى أن تواجد الخادمة في المنزل يكون ذو شقين إما سعادة لأهل البيت أو شقاء لهم،وفي النهاية يعود الأمر للزوج وزوجته وطريقة تعاملهم مع ضغوط الحياة لكي يلجئا إلى تواجد الخادمة في منزلهم وعلى المرأة خصوصاً العاملة أن لا تنهمك في العمل وتنسى واجباتها المنزلية وخاصةًً التي وُجِبَ عليها القيام بها ولا يرغب أن توكلها إلى غيرها، لذلك تحتاج إلى تنمية مهارة إدارة الوقت وأيضاً إلى تعاون الزوج معها لمواجهة مسؤولية وضغوط الحياة.
وقد أكدت الدكتورة فاطمة عاشور الأستاذ المشارك بكلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز أن الخادم موظف مثل أي موظف يعمل من أجل الحصول على لقمة العيش بما يرضي الله، الفرق بينه وبين الموظفين الآخرين في أنه يعمل في نطاق المنزل الأمر الذي يعطي الموضوع خصوصية فيها الكثير من السلبيات والإيجابيات.
ومن وجهة نظري على الأسرة عندما تتعامل مع الخدم بدرجة عالية من الخوف من الله و الذوق و التهذيب فالخادم انسان يستحق التكريم و لا تجوز إهانته أو الضغط عليه، ويجب أن يأخذ حقه قبل أن يجف عرقه و أن يأخذ قسطاً من الراحة والسعة، ولا يصح تشغيل الخدم بصورة مبالغ فيها لدرجة انهاكهم، كما اني أهيب بالمعاملة اللطيفة الودودة طالما يقوم الخادم بعمله على أكمل وجه بل إني ممن يشجع من يعتبرون الخادم أحد أفراد الأسرة مع أخذ الحيطة والحذر من كشف أسرار العائلة أمامه قدر الإمكان كما ذكرت أن الخادم معاون للمنزل وليس ببديل وأن البيت مسؤولية الزوجة وعمل المرأة لا يتعارض مع اهتمامها بنظافة بيتها و تربية أولادها حتى و إن كانت وزيرة وعلى المرأة أن تعلم أن هذا الرجل و هؤلاء الأولاد مسؤوليتها وفي أمانتها و مما تقهر به أن تكرمهم بلذيذ من الطعام وكثير من الاهتمام، و يجب على المرأة أن تتعامل بأدب مع الخادمة و تعينها و تساعدها حتى تسير المركب بل على الرجل أن يعين الاثنتين بالمساعدة و المشاركة و عدم الضغط عليهما،كما أن التعليم و التعلم والوصول لدرجات علمية عالية و تحقيق الطموح لا يتعارض مع واجباتها داخل المنزل بل يمكنها بقليل من الجهد أن تجمع بين الاثنين و تبدع في المجالين و تطلب من الله التوفيق وعلى المرأة ان تشرف على الخادمات حتى و إن كان لديها عشرة فبيتها وأولادها أمانة عندها و كما أسلفت على الخادمة معاملة أهل البيت بما يرضي الله و على الأسرة ذات الدور و قد نظم المسئولون هذه العلاقة بأطر و قوانين مما يضمن حقوق الطرفين ويجعلها سليمة دوماً.
كما ذكر الدكتور عبدالعزيز الدواس استشاري الصحة النفسية أن على الأسرة الاستغناء عن الخدم قدر الإمكان وإذا اضطرت لاستقطابهم عليها أن تحدد دورهم داخل المنزل وأن لا يكلفوهم بما ليس في وسعهم وأن يتأكدوا من هويتهم ومن معتقداتهم وأفكارهم كذلك عليهم أن يهتموا بمعرفة صحتهم النفسية لأن كل هذه العوامل السابقة تساعدهم على معرفة مع من يتركوا أطفالهم وذويهم كذلك نوه أن الخادمة ليست بديلة للأم فعلى حد قوله ليس هناك أحدٌ بديل للأم عموماً والخادمة على وجه الخصوص كما ذكر قائلاً أن المرأة وإن كانت تعمل فلا يجب أن تهمل أولادها بل من الأفضل أن تتخلى عن العمل قليلاً والانعكاف على تربية هؤلاء الآباء لأنهما زينة الحياة الدنيا فعليها أن تصلح تربيتهم وتنشئهم نشأةً صالحة ليعود ذلك على المجتمع بالخير والصلاح.
ونهايةًً وبعد سؤال نخبة من الموظفين والموظفات عن نظرتهم للخادمة المنزلية وعن حدود دورها في المنزل ، استخلص ما يلي:
• المرأة العاملة لا تعنى أن تهمل شؤون بيتها وزوجها حتى في وجود الخادمة.
• من المهم جداً أن يساعد الزوج المرأة حتى في وجود الخادمة المنزلية وذلك لتسهيل عملية سير مركب الحياة.
• المرأة ربة منزل في الأول والأخير وبيتها وأولادها وزوجها أمانةٌٌ في رقبتها عليها القيام برعايتهم والاهتمام بهم.
• لابد لأصحاب المنزل التعامل مع الخادمات بأخلاق حميدة وبطريقة جيدة ولكن مع ذلك يجب الحذر منهم.
• التأكيد على ضرورة مساعدة الخادمة في الأعمال المنزلية من قِبل الزوجين أو الأطفال وذلك حتى يكونوا قادرين على تحمل المسئولية تجنباً بذلك الصدمات والمشاكل التي قد يقعن بها حال تغير غياب الخادمة أو تقلب الظروف وتغير الأحوال.