مناخوليا .. كنت أظنها تدل على حالتهم .. ولكن بعد القراءة اتضح لي أمران:
أن كلمة مناخوليا نطقها العلمي الصحيح “مالنخوليا” ..وأنها نوع من أنواع الاكتئاب وليس الجنون.
لذلك بحثت عن مصطلح آخر يفسر حالة هؤلاء .. فوجدت ما يسميه علماء الصحة النفسية “الفصام العقلي” .. وهو اضطراب عقلي شديد القسوة .. ومن أعراضه الهلاوس والتوهمات كتوهم العظمة مثلاً .. وفقدان القدرة على التخطيط والكلام المنتظم أو التعبير عن المشاعر .. والكلام المرتبك وعدم القدرة على التفكير المنطقي ويصاحب ذلك سلوك غير طبيعي أو حركات غريبة .. ومشاكل في الإدراك والانتباه والذاكرة والأداء التعليمي.
وقد وجدت هذه الأعراض منطبقة على أصحابنا تماماً .. من مناضلي الكروش .. الذين يعتقدون أن مقاطعة ساندويتش وكوب قهوة أمريكية أهم بكثير من مقاطعة شركات صناعة الطيران الأمريكية والسيارات والأدوية والغذاء والاتصالات والهواتف والبرمجيات والأقمار الصناعية الأمريكية وغيرها الكثير من الشركات العملاقة التي تدعم إسرائيل بكل وضوح .. ولكن يبدو أن الساندوتش أكبر من الطائرة وكوب القهوة أغلى من الآيفون عند مناضلي الكروش.
الأغرب من ذلك والأشنع أنهم يطالبون بمحاربة إسرائيل ومن خلفها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين ومعظم دول العالم .. وأن نشتري السلاح منهم لنحاربهم به .. هكذا بكل بساطة .. نشتري الإف 15 الأمريكية والرافال الفرنسية والتورنيدو الأوروبية والميج الروسية ونقصف بها قوات تلك البلدان ومدنهم .. ونشتري الكلاشنكوف من روسيا لنقتل به الجنود الروس وصواريخ DF -41 الصينية العابرة للقارات لنطلقها على بكين .. ونشتري أنظمة الاتصال ونستعمل الإنترنت الأمريكي لتنسيق عملياتنا الحربية ضد أمريكا .. ولا بأس أن نشتري الأدوية الألمانية لنعالج بها جرحانا.
أما ما يصيبك بالذهول حقاً من حالة هؤلاء المرضية المستعصية أنهم يشنون حملة شنعاء شعواء على السعودية بسبب عدم إيقافها للنشاطات الترفيهية العائلية في موسم الرياض وعدم مقاطعة ماكدونالدز وستار بوكس الأمريكية وعدم إعلان السعودية الحرب على إسرائيل ويسبون ويشتمون دون هوادة وكأن السعودية هي من شن الحرب على حماس وأهل غزة.
وهنا لي وقفة قبل أن أرد على هؤلاء المصابين بالفصام العقلي .. فأقول :
إما أن كل من يدعو السعوديين إلى خوض الحرب يشعر في قرارة نفسه بالضعف والهزال وأنه لا وجود لرجالٍ في بلده ولا لقادةٍ ولا لجيشٍ يقدرون على هذه المهمة .. وأن السعوديين وحدهم هم الرجال.
أو أنه يريد أن يزج بالسعودية في مواجهة مباشرة مع إسرائيل وأمريكا وبقية دول العالم بهدف تدمير السعودية وليس تدمير إسرائيل.
وفي كلا الحالتين فإن صناع القرار في السعودية لا يلتفتون لصراخ المخابيل المرضى ولم يعرف عنهم العالم المزايدات والعنتريات الخاوية .. ويعرفون إدارة شؤون بلدهم بحكمة وروية .. ولا يستطيع أحد استخفافهم وأخذهم إلى طريقه .. خاصة وأن من قام باستثارة العدو الإسرائيلي المجرم فصيل من جماعة منشقة عن الإجماع الفلسطيني بأوامر خارجية صفوية .. وأن دولاً مثل مصر والأردن ولبنان وسوريا التي تحيط بإسرائيل لم تحرك جيوشها ولم تطلب (فزعة) السعوديين .. لأن عملية حماس وأهدافها مكشوفة للجميع.
أعود للمنفصمين عقلياً .. وهنا يجب أن أوضح أنني لا أستهدف الدول ولا الشعوب العربية الشقيقة .. وإنما أستهدف أولئك الأشخاص المرضى تحديداً وتلك الأصوات التي تشتم السعودية وتدعو إلى مقاطعة أمريكا ودولهم كلها تحت حماية أمريكا .. والقوات الأمريكية تسرح وتمرح في ديارهم ولها قواعد وجنود بالآلاف .. أو من تلك الدول التي يرفرف علم إسرائيل بالقرب من منازلهم وتربطهم علاقات اقتصادية وتبادل تجاري ويصدرون السلع إلى إسرائيل أو يستوردون منها .. أو من تلك البلدان التي تربطها معاهدات ترسيم حدود واتفاقيات تقسيم الثروات الطبيعية مع إسرائيل .. أو من تلك الدول التي تصدر ثرواتها الطبيعية والزراعية إلى فرنسا وبقية دول أوروبا ويموت أبناؤها في عرض البحر عبر القوارب هرباً من الفقر والجهل والتخلف والظلم والإهمال .. ثم تلك الأصوات التي تأتي من العرب المقيمين في أمريكا وأوروبا الذين يدفعون الضرائب صاغرين لأسيادهم الأمريكان والأوروبيين ويتجاهلون التاريخ ودور البلدان التي يقيمون فيها في إنشاء إسرائيل ودعمها إلى اليوم وغداً.
أما محور المقاولة والمماتعة فسأكتفي بالقول:
من مهازل التاريخ أن يدَّعي من يسمون أنفسهم بأتباع علي مناصرة من يسمونهم بأتباع معاوية .. الذين ولغوا في دماء أبناء يزيد كما يقولون نصرة للحسين .. فعثوا في رقاب العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين السنة واليوم في رقاب الفلسطينيين عبر أداتهم حماس التي سرعان ما أعلنوا البراءة منها والتخلي عنها.
وللأخونج والسلفنج والصحونج (والسلق نج) من غربان البين الموهومين الذين ما زالوا يعيشون في زمن الرمح والسيف والقعقاع وصلاح الدين وعمر المختار والعالم كله يعيش في زمن الذرة والصواريخ العابرة للقارات .. من الذين لا يهنأ لهم النعيق إلا على الخرائب .. أقول:
نبارك لكم دماء 15 ألف فلسطيني أزهقت بفضل حماقة جماعة يشبهونكم ويشبهون تفكيركم .. كما أبشركم بأن غزة أصبحت كلها خرائب تستطيعون النعيق والنهيق فوقها كما تشاءون .. ولكن يؤسفني أن أبلغكم بأن (الجماعة) انكشفت أمام العالم كله .. ولن ينقذها إلا إسرائيل نفسها في حال قررت الإبقاء عليها لتخدم مصالحها وتفرق كلمة الفلسطينيين.
أما أخوتي الفلسطينيين في غزة والضفة والداخل الإسرائيلي وفي المهجر .. فيعلم الله أننا نألم لمعاناة عامتكم ونمقت تصرفات قادتكم وخاصتكم من السياسيين والاقتصاديين والمثقفين .. وأننا مثلما نبكي على دماء أبريائكم فإننا نمقت المتاجرة بتلك الدماء من قبل هؤلاء .. وأنتم في نظرهم مجرد حجارة شطرنج يلعبون بها مع إسرائيل والعالم .. ويحركونها لما يخدم مصالحهم الشخصية.
وكذلك لنا عتب عليكم .. فعرب الداخل لو خرجوا من الجيش والشرطة الإسرائيلية وتحركوا بسكاكين المطبخ فقط والتحموا بأجساد الإسرائيليين في الشوارع والبيوت لتحررت فلسطين منذ خمسين عاماً ولتعطلت البندقية والطائرة في هذه الحالة ولن تفيد إسرائيل بشيء .. وكذلك فإن فلسطينيي غزة والضفة يسهمون في بناء المستوطنات الإسرائيلية كعمال ومقاولين وتجار أسمنت وحديد .. ويفلحون أراضي الإسرائيليين ويحرسون بيوتهم وينظفون شوارعهم .. أما فلسطينيو المهجر فهم من أكبر التجار في العالم ولكننا لا نرى أثر تبرعاتهم للقضية ولا أثر لأصواتهم لدعم القضية وبعضهم وصلوا لرؤساء دول.
اخيراً .. أخوتي السعوديين .. والعرب المحبين للسعودية .. إذا قابلتم مثل هؤلاء المنفصمين عقلياً ودخلوا معكم في نضال بطني ومعركة كرشية فلا تناقشوهم .. بل افعلوا مثلما يفعل الجمل بالشوك .. يطأه بخفة ويمضي وكأن شيئاً لم يكن.
قبل أن أختم إليكم مجموعة من الطرائف أفرزتها الأحداث وجميع أبطالها من المنفصمين عقلياً:
خرج للتو من الملهى الليلي الملاصق لمنزله ليشتم موسم الرياض.
أوقف سيارته الأمريكية الفارهة وأخرج الآيفون الأمريكي ليغرد بمقاطعة ستار بوكس.
يأخذ راتبه بالشيكل الإسرائيلي ويقتل ابنه بالسلاح الإسرائيلي ومازال من سبعين عاماً يسب ويشتم السعودية.
يقول يا بتوع المعيز .. وهو يربيها فوق سطح منزله ويطعمها من قمامة الشوارع.
ضاع بلده خلال ساعات واليوم يقول بأن جيشه أقوى جيش في المنطقة.
أخ عربي يشتم أخاً عربياً آخر مجاوراً له وعندما حضر السيد الفرنسي خرس الاثنان.
ميت من الجوع هزيل الجسم يبحث عن قوته (ومقوته) بألف غلبة يريد أن يواجه أمريكا.
قاسم سليماني الذي قتل السنة في كل مكان شهيد القدس.
فيلق القدس ضائع ومازال يبحث عن إحداثية القدس.
قناة مخابراتية كل من يعمل فيها وأغلب من يظهر فيها من المؤيدين والمعارضين جميعهم عملاء يخدمون دولة واحدة ويتقاسمون الأدوار.
دولة وظيفية مطلوب منها توفير الدعم والحماية والتواصل مع الجماعات الإرهابية تدعي نصرة القضايا العربية والإسلامية.
قائد دولة إسلامية أصبح اسمه ( أخاصمك آه .. أسيبك لا ).
دولة كل دعمها من السعودية وتعيش على السعودية خرج أحد أبناء شعبها يقول نحن نحمي السعودية وإذا بغينا نفرطها بنفرطها.
دولة عربية أخرى تعيش على الكفاف وصوتها أكبر منها .. يعيش رئيسها خارج المجرة ويهدد إسرائيل بإعلان الجهاد.
شعب عربي يصفُّ في طوابير للحصول على السميد والسكر ومازال يعيش في الستينات ميلادية ولا وجود حتى للصراف الآلي في شوارعه ترك إسرائيل وأمريكا وفرنسا وأصبح شتمه وصياحه كله على السعودية.
*صالح جريبيع الزهراني*
الثلاثاء 21 نوفمبر 2023
جدة